قرار كاميرون .. الأبعاد والمسارات المتوقعة

قرار كاميرون .. الأبعاد والمسارات المتوقعة

 

محتوى الورقة

مارس 2014

  • تمهيد
  • الإخوان والإنجليز.. خلفية تاريخية
  • القرار وأبعاده
  • توقيت القرار
  • من وراء القرار
  • تداعيات القرار
  • المسارات المتوقعة لنتائج التحقيقات

 

تمهيد

بقدر ماكان قرار رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بتشكيل لجنة تحقيق فى أنشطة جماعة الاخوان المسلمين فى بريطانيا ومدى علاقتها بالإرهاب ليس خطيراً إلا أنه  كان مفاجئاً وخاصة صدوره من لندن تحديداً، فالمعروف أن بريطانيا حتى الآن لم تعترف رسمياً بالانقلاب العسكرى الذى أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسى,كما أن التواجد الاخوانى ببريطانيا يرجع إلى عقد الخمسينيات من القرن الماضى، ومرت ببريطانيا محطات هامة لمواجهة الإرهاب كان أهمها تفجيرات لندن 2005، والتى أدانها الإخوان ولم توجه أى إتهامات لها أو لبعض أفرادها، بل موّلت الحكومة البريطانية في عام 2007 برنامجًا لـ «منع التطرف العنيف» من خلال العمل مع المنظمات المحلية الإسلامية في بريطانيا على «جعل المجتمعات الإسلامية تنبذ التطرف وتدينه علنًا، وتحجم المتطرفين العنيفين وتعزلهم»، وشاركت في هذا البرنامج عدة منظمات على صلة بجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت تراها بريطانيا بديلًا إسلاميًا «وسطيًّا» للتطرف والإرهاب.

فلما هذا التحول فى الموقف البريطانى، ومن يقف وراء هذا القرار فى هذا التوقيت ، وماهى المسارات المتوقعة لنتائج التحقيقات، تسعى هذه الورقة إلى الإجابة على الأسئلة السابقة

لذا وقبل الخوض فى اسباب هذا القرار وتداعياته ، يجب أن نلقى الضوء سريعا على الاخوان ببريطانيا ومدى جدية التحقيقات التى تعتزم لندن اجرائها

 

الإخوان والإنجليز.. خلفية تاريخية

نشأت جماعة الاخوان المسلمين عام 1928 ومصر قبعة تحت الاحتلال الانجليزى، لذا بالطبع بدت العلاقة بينهما بالكثير من محطات الخلاف، وهذا أمر طبيعى بين حركة وطنية ناشئة وقوات محتلة، وهو ما دفع الإنجليز إلى أن يطلبوا من حسين سري باشا رئيس الوزراء إغلاق مجلة التعارف و(المنار) الخاصة بالإخوان عام 1941م، بل لم يقتصر الأمر على ذلك فطلب الإنجليز من حسين سري أيضًا أن ينقل حسن البنا إلى الصعيد، وقد تم ذلك في مايو عام 1941م ونُقِل إلى قنا، وذلك كما ذكر محمد حسين هيكل في مذكراته (مذكرات في السياسة) غير أنه سرعان ما عاد حسن البنا تحت الضغط الشعبي، لكنه اعتُقل في شهر أكتوبر من نفس العام وظل في معتقل الزيتون لمدة شهر.

ولقد حاول الإنجليز رشوة الإخوان وإعطاءهم المال حينما أوفدوا المستشرق البريطانى هيورث دان لإجراء اتصالات مع الإخوان، وطلب منهم دعم الإنجليز ضد الألمان فى مقابل تقديم الإنجليز دعمًا ماليًا للإخوان قدره عشرون ألف جنيه.

غير أن الأستاذ أحمد السكري (وكيل الجماعة آنذاك رد عليهم بقوله –كما أوردت جريدة الإخوان المسلمين، العدد 10 ،صـ9 الموافق 22 ذو القعدة 1373هـ / 22 يوليو 1954م-: ألا فلتعلم يا مستر دان أنك لن تستطيع أن تشترينا بالمال .. إن الشعوب التى تعاونكم بالنقود تبيعكم بالنقود.

وأضاف: إذا كنت تريد أن تشترى الإخوان ومن ورائهم الشرق العربي فهناك شروط:

1-عليكم أن تتفقوا معنا على الجلاء التام الناجز عن وادي النيل.

2-عليكم أن تتفقوا مع فرنسا على إخلاء سوريا ولبنان من جنودها.

3-عليكم أن تخلوا فلسطين للعرب.

4-عليكم أن تمدونا بالأسلحة والمعدات، ونحن مستعدون لطرد الطليان وحكومة فيشى من شمال أفريقيا، ونحمى بلادنا من أى غزو أجنبى".

وهنا وقف دان وقال: "هذه سياسة عليا، وإنما مهمتي عمل الدعاية فقط، وعلى كلٍّ فسأحضر مستر كلايتون بعد ذلك.

وحينما التقى مستر كلايتون –اللورد كليرن- بالإمام البنا عرض عليه أن يجدد الإنجليز للإخوان مركزهم العام وجريدتهم الأسبوعية وجعلها يومية والإنفاق عليها، وتوفير وسيلة نقل للمرشد العام، ثم قال للإمام البنا: " ولا بأس أن نبدأ بدفعة أولى خمسين ألف جنيه أو مائة ألف، ويتوالى الأمر بعد ذلك كل شهرين أو ثلاثة أو أربعة نزيدها أو نقدم مثلها" وأضاف " يمكن أن نجعل الدفعة الأولى خمسمائة ألف".

فرد عليه الإمام البنا بقوله: "إن الرجل من الإخوان يدفع اشتراكًا فى الدعوة خمسة قروش فى الشهر، وأيسر الإخوان حالا قد يدفع جنيهًا، هذا فى الظروف العادية، أما عند الحاجة فالرجل من الإخوان لا يملك إلا أن يقدم نفسه وماله وبيته للدعوة؛ لذا فنحن لسنا فى حاجة إلى أن نملأ هذه الخزائن الحديدية؛ لأن خزائننا هى قلوب الإخوان؛ ولهذا فلو شئت سأجمع من هؤلاء الرجال مئات الآلاف فى أقل من أسبوع، فنحن لسنا كأى هيئة لقيتها من قبل" ثم أضاف " وأنصحك أن توفر كل قرش لخزينة بلادك؛ لأننا لن نقبل شيئًا من مثلكم، كما أن الزعماء الذين تشترونهم بأموالكم لا يملكون إلا أنفسهم، أما الشعوب فلن تقبل بغير استقلالها التام مهما كلفها من ثمن".

فهذا هو وضع الإخوان مع الإنجليز وعندما جاءت وزارة الوفد أراد الإمام البنا الترشيح لمجلس النواب عام 1942م، غير أنه ما إن علم الإنجليز حتى ضغطوا على النحاس باشا بأن يضغط على حسن البنا بالتنازل عن الترشيح ففعل وتنازل الإمام البنا تحت الضغط، ليس ذلك فحسب، بل حاولوا أكثر من مرة اغتياله أو حل جماعته كما ورد في صحيفة روزاليوسف تحت عنوان (4 محاولات لحل جماعة الإخوان المسلمين) العدد (1035)، 4 جمادى الآخرة 1367هـ/ 13 أبريل 1948م، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل قام الإنجليز- بمعاونة أحمد ماهر رئيس الوزراء- بتزوير الانتخابات لصالح سليمان عيد المحسوب على الإنجليز والذي كان يمد المعسكرات الإنجليزية بكل شيء، وما دور الإخوان في حرب فلسطين بمستخفٍ عن أحد وهو الذي دفع الإنجليز للضغط على النقراشي لحل الإخوان واعتقال أفرادها.

كما كانت محطة حرب فلسطين 1948 ذروة محطة المواجهة بين الاخوان والانجليز، فلا يخفى على أحد دعم الانجليز لقوات الاحتلال الصهيونى، وكان فدائيو الاخوان رقم صعب فى هذه الحرب، ومن ثم اجتمع سفراء الإنجليز وأمريكا وفرنسا في مدينة فايد في 11 نوفمبر 1948م وطلبوا من النقراشي باشا إصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، فكما جاء في الوثيقة الممهورة بإمضاء الماجور (أوبريان ماجور) السكرتير السياسي للقائد العام للقوات البرية البريطانية في الشرق الأوسط والتي جاء فيها أنها مرسلة إلى رئيس إدارة المخابرات رقم (13) تحت رقم قيد: (1843 /أى/ 48) يعلمه فيها باجتماع السفراء واتخاذ قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين عن طريق السفارة البريطانية، فرفع الكولونيل (أ. م. ماك درموث) رئيس المخابرات البريطانية هذا الأمر تحت رقم قيد (1670/ أ ن ت/ 48) إلى إدارة: ج . س . 3 بتاريخ 20/11/1948م، ليعلم حكومة الملكة بذلك، وفعلاً كلف السفير البريطاني النقراشي باشا باتخاذ الإجراءات اللازمة للحل[1].

وشهدت مرحلة مابعد ثورة يوليو علاقة بين الاخوان وبريطانيا من نوع آخر، فقد نشأت جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا منذ بداية الخمسينيات، وبدأت في بعض الدول الغربية كبريطانيا تتشكل بصورة منظمة في بداية عام 1963م، وقد تشكلت الجماعة في أكثر الأقطار الأوروبية على أيدي بعض الطلاب الوافدين من أبناء حركة الإخوان في المشرق الإسلامي مع بعض المهاجرين الذين فروا بدينهم من ظلم بعض الأنظمة، خاصة في أيام محنة الإخوان المسلمين مع جمال عبدالناصر في مصر. وانتقلت هذه الحركة إلى أوروبا مع هؤلاء، وتشكلت وهي محملة بكل الخصائص التي كانت عليها في المشرق الإسلامي، ونشأت وهي تحمل ذات المكونات الفكرية، والدعوية، والحركية، والتنظيمية، ونحوها.

وانقطعت العلاقات بين الاخوان كجماعة وبين بريطانيا ، وإن لم ينقطع التواصل بينهم كأفراد وخاصة فى ظل إنشاء مكتب للجماعة بلندن، والذى يدير منه بعض قياداتها "رسالة الإخوان"، ومع صعود الاخوان فى الانتخابات النيابية عام 2005 كثرت بعض اللقاء بين قيادات اخوانية وبعض القيادات السياسية البريطانية سواء فى سفارتها بالقاهرة أو بعض الشخصيات الأخرى.

واستمرت العلاقة على هذا المنوال حتى بدأت ثورات الربيع العربى وزادت كثرة هذه اللقاءات، وكانت تهدف فى أغلبها "من جانب بريطانيا" التعرف على الاخوان المسلمين وأفكارهم ومدى التزامهم بالمسار الديمقراطى ورفضهم للعنف، وهذا ماحاول قيادات الاخوان تأكيده على التزامهم بالنهج الديمقراطى والتغيير السلمى ورفض العنف كوسيلة للتغيير.

ومع صعود الرئيس محمد مرسى الى كرسى الرئاسة عبر انتخابات ديمقراطية أشاد الجميع بها، رحبت به بريطانيا واكدت أنها ستلتزم بخيار الشعب المصرى وستظل داعمة له، وبالرغم من ذلك شهدت العلاقة درجة من الجمود والفتور، ولكن لم تصل إلى حد الشقاق أو الخلاف.

ومع انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسى قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أن "بريطانيا لا تدعم تدخل الجيش لحل النزاعات في الأنظمة الديمقراطية" ودعا للتهدئة، وظل موقف بريطانيا غامضاً وهو ما انتقدته جريدة "التليجراف" مرارا لموقف بريطانيا في عدم اعتبار ما حدث انقلابًا عسكريًا ووصفه بأنَّه موقف مخزٍّ ويدمر سمعة بريطانيا وخيانة لكل قيمة أخلاقية بريطانية نفتخر بها وهو يدلّ أن بريطانيا مجرد تابع لأمريكا.

ومع صدور قرار الحكومة المصرية باعتبار الإخوان المسلمون منظمة إرهابية أنها غير ملتزمة بقرار الحكومة المصرية، وبات موقف بريطانيا أكثر حيادية.

قالت متحدثة باسم الخارجية البريطانية: “نجري تقييما لآثار وتبعات قرار الحكومة المصرية المؤقتة الأخير باعتبار الإخوان المسلمون جماعة إرهابية”.

وكانت متحدثة باسم وزارة الداخلية البريطانية، قد أكدت ، أن بريطانيا غير ملزمة باتباع قرار الحكومة المصرية، وقالت إن القانون البريطاني وحده هو الذي يقرر امكانية تصنيف أي جماعة أو منظمة ضمن قائمة الإرهاب.

وقالت المتحدثة “الإخوان المسلمون جماعة قانونية تماما في المملكة المتحدة.”

وهناك قائمة للجماعات الإرهابية في بريطانيا تشمل 52 منظمة بينها اثنتان مصريتان هما “الجماعة الإسلامية” و”الجهاد الإسلامي”.

وحسب قانون مكافحة الإرهاب البريطاني لعام 2000 والاتفاقات التي وقعت عليها القاهرة ولندن ، فإنه يحق للحكومة المصرية أن تعرض على الحكومة البريطانية أية أدلة تثبت ضلوع الإخوان في الإرهاب.

غير أن المتحدثة البريطانية قالت لـ”بوابة الأهرام”: “تقديم الأدلة لا يعني بالضرورة اقتناعنا بها ولا يعني أننا يجب أن ندرج الجماعة تلقائيا في قائمة الإرهاب”.

وأكدت أن السلطات البريطانية سوف تنظر بجدية إلى أية أدلة تقدمها مصر، غير أنها أشارت إلى ضرورة مراعاة الاستقرار في مصر عند اتخاذ أي موقف.

ونبهت المتحدثة إلى قناعة بريطانيا بأن أفضل وسيلة لتحقيق الاستقرار والأمن في مصر هو إشراك كل المصريين في العملية السياسية الشاملة.

وتقول بريطانيا دائمًا إنها تدعم تأسيس نظام سياسي شامل يمثل كل الجماعات في المجمتع المصري[2].

القرار وأبعاده

تحدث ديفيد كاميرون بشأن التحقيق في مؤتمر صحفي:  "نريد إيقاف السرد المتطرف الذي تصدره بعض المنظمات الإسلامية. ما أعتقد أنه مهم حول جماعة الإخوان المسلمين هو أن نفهم ما هو هذا التنظيم وما يرمز إليه وما هي المعتقدات من حيث مسار التطرف والتطرف العنيف وما هي علاقاته بالجماعات الأخرى وما هو وجودها هنا في المملكة المتحدة".

وبات الاعلان عن اجراء التحقيقات بهذا الشكل غريباً، فإذا كانت الحكومة قد تلقت معلومات موثقة بأن جماعة الإخوان المسلمين تقوم بأعمال عنف في الخارج من قاعدة بريطانية، فإن الممارسة الطبيعية سوف تكون إجراء عملية بواسطة الممارسة العادية ستجرى من قبل خدمة الاستخبارات السرية وخدمة الأمن ومركز اتصالات الحكومة الرئيسي ومكتب مكافحة الإرهاب في سكوتلانديارد وأجهزة الاستخبارات الأجنبية. وكانت تلك العملية سوف تُجرى بطريقة سرية وليس عن طريق الإحاطات الصحفية للحكومة.

قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن أنشطة الإخوان المسلمين ستخضع للمراجعة بسبب بواعث قلق من احتمال ارتباطها بأعمال عنف مما يزيد الضغط على الجماعة التي تواجه حملة قمع متزايدة في العالم العربي.

وقالت بريطانيا التي يوجد بها الكثير من المنظمات الخاضعة لتأثير الإخوان إن مراجعتها ستشمل النظر في اتهامات ساقها زعماء عرب بوجود صلات بين الجماعة وأعمال العنف وهو اتهام نفته الجماعة مرارا.

وقال كاميرون للصحفيين "الشيء المهم...هو التأكد من أننا نفهم حقيقة هذه المنظمة جيدا وما هو الشيء الذي تمثله وما هي صلاتها ومعتقداتها فيما يتعلق بكل من التطرف والتطرف العنيف وما هي علاقتها بجماعات أخرى وما هو وجودها هنا في المملكة المتحدة."

وقالت متحدثة باسم كاميرون إن المراجعة ستشمل فلسفات وقيم الإخوان المسلمين وكيفية عملها في دول مختلفة في أنحاء العالم بما في ذلك في المملكة المتحدة بالإضافة إلى تأثيرها على الأمن القومي لبريطانيا.

وأضافت أنه ستجرى مشاورات مع جهازي المخابرات الداخلية والخارجية (إم.آي5) و(إم.آي6) في إطار عملية المراجعة التي ستركز على أنشطة الإخوان على نطاق أوسع في المنطقة وليس في مصر وحدها.

وقال متحدث آخر "أثيرت أيضا بعض بواعث القلق بشأن صلات محتملة بأعمال عنف وببعض الجماعات المتطرفة من بعض المنظمات التي تنضوي جميعا تحت تنظيم الإخوان المسلمين الأوسع نطاقا." وأضاف أن المراجعة ستبحث بناء على ذلك في "صلات مزعومة (للإخوان) بمنظمات متطرفة."

وتأمل الحكومة في صدور تقرير بحلول يوليو تموز بشأن نتائج عملية المراجعة التي سيتولاها جون جينكنز سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية[3].

فريق التحقيق            

  1. السير جون جنكينز

كان سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية منذ يونيو 2012. بعد أن انضم إلى وزارة الخارجية في عام 1980، عمل بشكل رئيسي في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ، كما عمل سفيرا لبريطانيا لدى أربع دول، بما في ذلك ليبيا والعراق وسوريا. هذا بالإضافة إلى أنه قضى فترة في منصب مدير وزارة الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2007-2009 . وقد شغل أيضا مناصب في رانغون وكوالالمبور والقدس.

  1. السير كيم داروش

منذ يناير 2012، كان السير كيم مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء، ومسئول أيضا عن إدارة مجلس الأمن القومي. انضم السير كيم للسلك الدبلوماسي في عام 1976 وشملت أدواره السابقة كونه رئيس دائرة شرق البحر الأدرياتيكي والتعامل مع تفكك يوغوسلافيا وصراع البوسنة وكذلك مستشار الاتحاد الأوروبي لرئيس مجلس الوزراء وممثل دائم للمملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.

  1. السير جون سويرز

تم تعيينه رئيس للاستخبارات في يونيو 2009.. بين عامي 1999 و2001 كان مستشار السياسة الخارجية ثم لرئيس الوزراء توني بلير وأصبح سفيرا لمصر وترك هذا المنصب في عام 2003. وسوف يلعب دورا هاما حيث تشير التقارير تشير إلى أن له اتصالات مع نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

  1. الأمير تشارلز

في فبراير الماضي، زار الأمير تشارلز المملكة العربية السعودية كجزء من جولته التي شملت قطر، زيارته الثانية إلى البلدين في أقل من عام – والزيارة الـ 10 له إلى السعودية. بعد يوم من ارتداء الأمير الجلباب التقليدي وانضم للأمراء السعوديين في رقصة السيف في الرياض، توصلت شركة بي أي إي سيستمز إلى اتفاق مع الحكومة السعودية على بيع 72 مقاتلة يوروفايتر تايفون، والتي تم الاتفاق عليها لأول مرة في عام 2007. وقال مساعدو الأمير إنه لم تتم مناقشة الصفقة في تلك الرحلة[4].

توقيت القرار

ربما لم يعد مجهولاً الدور الحقيقى للسعودية والإمارات فى قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون،وربما يكشف التوقيت الذي صدر القرار الكثير عن خلفياته وحقيقة اللاعبين فيه، 

فوفقا لصحيفة التليجراف البريطانية جاء توقيت تصريح كاميرون غريب ومشكل، فإعلانه بدا وكأنه موقف سياسي اتُخذ خصيصا لحماية مصالح بريطانيا التجارية مع المملكة العربية السعودية.

فالإعلان جاء فقط بعد ستة أسابيع من موافقة شركة السلاح البريطانية BAE Systems على صفقة بيع 72 طائرة يوروفايتر تايفون للسعودية، كما أن الإعلان جاء في وجود أمير ويلز في المملكة.

التوقيت أيضا يحمل إشكالا آخر، ففي مصر، أعلن النظام العسكري الذي يحكم مصر الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ليلة عيد الميلاد الماضية، وفي نفس الوقت، ما زالت بريطانيا تسمي الإطاحة العسكرية برئيس مصر المنتخب محمد مرسي في يوليو من العام الماضي، والذي دعمتها السعودية بقوة، ما زالت تسميها انقلابا عسكريا.

لكن في كل الأحوال، لو كان ديفيد كاميرون يريد تحقيقا مستقلا بالفعل لما طلب من جينكينز أن يترأس اللجنة، بل كان يتوجب عليه أن ينتدب قاضيا لذلك. يبدو أن رئيس الوزراء يرى أن هناك مكاسب حقيقية لبريطانيا بتحالفها مع النظام العسكري الدموي في مصر أو مع الأمراء اللعوبين في السعودية.

                                من وراء القرار  

يبدو جليا بوضوح أن السعودية والإمارات هي من تقف وراء قرار كاميرون، فليس بخاف حجم التبادلات التجارية والخدمات الاقتصادية التي تقدمها دول الخليج لبريطانيا، فالتأثير السعودي على القرار في بريطانيا ليس جديداً، فهناك قضية شهيرة تعرف باسم "صفقة اليمامة" كان لها صدى كبير على العلاقات بين البلدين.

تعود صفقة اليمامة إلى عام 1985، حيث وقّع وزير الدفاع البريطاني الأسبق مايكل هيزلتاين المرحلة الأولى من الصفقة مع السعودية، حيث تقوم بريطانيا بتزويد الرياض بطائرات حربية مقاتلة من طراز تورنيدو وبي أيه إي هوك، وتقديم الدعم الفني والصيانة للطائرات، إضافة إلى إقامة قاعدة عسكرية بريطانية عملاقة في السعودية، وبلغت قيمة الصفقة 43 مليار جنيه إسترليني، ما يعادل 86 مليار دولار.

مرّت الصفقة بالعديد من المراحل، إلى أن جاء عام 2004، حيث كشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية مخالفات مالية طالت مسئولين سعوديين بارزين وآخرين في شركة "بي إيه إي" البريطانية، أكبر شركات الأسلحة في المملكة المتحدة، ومن هنا بدأ التوتر في العلاقات بين البلدين.

فقد لوّحت السعودية بوقف الصفقة، ولجأت إلى شركة "داسو" الفرنسية للحصول على طائرات حربية منافسة للطائرات البريطانية "يوروفايتر".

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد صعّدت الصحافة البريطانية حملتها ضد صفقة اليمامة، وبدأ مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني Serious Fraud Office، في التحقيق في الوقائع التي نشرتها الصحافة.

تصاعدت الحرب الكلامية "الخفية" بين السعودية وبريطانيا، وضغطت الرياض بشدة بـ"كارت الإرهاب" و"المصالح الاقتصادية"، وهددت بوقف التعاون الاستخباراتي مع الحكومة البريطانية في مكافحة الإرهاب، وهو ما أجبر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير على إصدار قرار بوقف التحقيقات في تلك الصفقة، حتى لا تتضرر العلاقات الاستراتيجية مع السعودية في مجال الحرب على الإرهاب، وكي لا تفقد بريطانيا آلاف الوظائف التي ستنتج عن فشل الصفقة بين الطرفين.

على الجانب الآخر، فإن إعلان السعودية لجماعة الإخوان "تنظيماً إرهابياً"، ورعاية بريطانيا للجماعة من شأنه حالياً أن يثير التوترات في العلاقات بين البلدين، إضافة إلى دولة الإمارات، وهذا له جانب اقتصادي أيضاً.

فوفقاً لتصريحات المتحدثة باسم الحكومة البريطانية روزماري ديفيس في نهاية مارس الماضي، فإن الإمارات تتصدر دول الخليج والشرق الأوسط في حجم التبادل التجاري مع بريطانيا بقيمة 8.4 مليار جنيه إسترليني سنوياً، في حين تأتي السعودية في المرتبة الثانية بـ 6.8 مليار جنيه إسترليني، أي أن إجمالي التبادل التجاري بين بريطانيا والسعودية والإمارات يصل إلى 15.2 مليار جنيه إسترليني، مقابل 4 مليارات جنيه إسترليني مع قطر، الراعي الإقليمي للإخوان بجانب تركيا.

كما شهد التبادل التجاري مع الكويت ارتفاعا نسبته 7 بالمئة محققا أكثر من2.1 مليار جنيه استرليني، وارتفع التبادل التجاري مع السعودية بنسبة 36 بالمئة ليبلغ أكثر من 8ر6 مليارات جنيه، كما ارتفع التبادل مع قطر بنسبة 7 بالمئة ليبلغ 4.03 مليارات جنيه، وكذلك ارتفع التبادل مع سلطنة عمان بنسبة 18 بالمئة ليبلغ أكثر من 670 مليون جنيه استرليني[5].

كما أن العلاقة بين السعودية وبريطانيا طويلة ومتشابكة ولا تريد بريطانيا أن تخسر علاقاتها مع السعودية على حساب قادة الإخوان الذي يعتبرون لندن ملاذا آمنا لهم.

ولم تكن فضيحة "اليمامة" المرة الأولى التى خضعت فيها بريطانيا لمطالب المملكة، ففى أعقاب الربيع العربى والتدخل السعودىفى البحرينلمواجهة المظاهرات،أجرى البرلمان البريطانى تحقيقاً برلمانياً حول تلك التجاوزات، مما اعتبرته المملكة أنها تعرضت للإهانة 

و في رد فعل يعبر عن الاستياء من ردود أفعال الغرب على الربيع العربي قامت السعودية بتعطيل الاتفاقيات التجارية الموقعة بينهما، وعلقت الخارجية البريطانية على هذا بأن السعودية حليف وصديق مقرب."[6]

وبالفعل لم يسفر لجنة التحقيق التى كلفها البرلمان للتحقيق سوى عن تقرير صدر بعد عامين من تكليفها ولم يضف جديداً فى العلاقات البريطانية - السعودية.

وتتحدث بعض الوسائل الاعلامية عن أنه ربما يكون هناك دور خفى لرئيس الوزاء السابق "تونى بلير" فبلير الذى صرح أكثر من مرة بدعمه للانقلاب العسكرى بمصر وقد أثنى على الرئيس المرتقب عبد الفتاح السيسي في حين انتقد الإخوان المسلمين لمحاولتهم أخذ البلاد بعيدا عن القيم الأساسية للأمل في التقدم.

كان بلير في مصر هذا الأسبوع. وفي يوم الثلاثاء قالت الجارديان: "هناك دور رئيسي (في تحريات بريطانيا حول الإخوان المسلمين) سوف يلعبه السيد جون ساور، الرئيس الحالي لوكالة الاستخبارات البريطانية والذي عمل كسفير بريطاني لمصر بين 2001 و 2003. كما أن ساور الذي عمل مستشارا لوزير الخارجية في ولاية توني بلير في داونينج ستريت له علاقات قوية بالنظام القديم لحسني مبارك.

وهو متفق تماما أن الفريق الذي جلب لبريطانيا الحرب على العراق وكذلك قدم الدعم للحرب العالمية لجورج بوش على الإرهاب يمكنه البحث عن طرق لتوريط الإسلاميين في اتهامات متعلقة بالإرهاب.

ولبلير علاقاته القوية بدول الخليج فقد أشرف على وضع استراتيجية الكويت 2020 بصفته مستشار لأمير الكويت ، وهو ما أثار الجدل كثيراَ حينها.

      

تداعيات القرار

بإعلان التحقيق في أنشطة جماعة الإخوان، يخطو كاميرون في انقسام عميق بشأن هذه المسألة. فبمتابعة الصحف البريطانية التى تناولت هذا القرار بالتحليل، فيبدو هناك خلاف داخل الحكومة ومؤسسات الدولة تجاه هذا القرار، فبعض المسؤولين في وزارة الخارجية لا يشعرون بارتياح في حديث البعض بأن الإخوان يجب أن تُحظر؛ مثل هذه الخطوة، كما يقولون، يمكن أن تدفع أنصارها نحو الجماعات الأكثر تطرفًا.

ويُنظر أيضا إلى عدم معرفة رئيس الوزراء على ما يبدو بجماعة الإخوان باعتباره أمرا غريبا. كان دبلوماسيون ومسؤولون في المخابرات على اتصال مع الحركة خلال سنواتها في المعارضة وكان أعضاء من حكومة السيد مرسي يدعون في كثير من الأحيان لمحادثات غير رسمية في منزل السفير البريطاني في القاهرة . كما تم إصدار عدد من الأوراق حول حكومة مرسي وقيادة الإخوان.

لكن مسؤولين في وايت هول قالوا لصحيفة فاينانشال تايمز يوم الثلاثاء إن وزارة الخارجية قلقة من أن التحقيق يمكن أن يؤدي إلى تطرف ما كانت منظمة سلمية ومعتدلة نسبياً.

وقال احد كبار الشخصيات الحكومية: "هذا يتعارض مع ما تقوم به وزارة الخارجية بالفعل في هذا المجال، على الصعيدين المحلي وفي الشرق الأوسط. حيث إنه يخاطر بتحول أنصار منظمة معتدلة وغير عنيفة والتي تناضل من أجل الديمقراطية إلى متطرفين".

وقد طُلب من خدمة الاستخبارات برئاسة جون سويرز، وهو سفير سابق لمصر، بالنظر في المزاعم بأن الإخوان كان وراء الهجوم على الحافلة المصرية.

وقالت داونينغ ستريت إن المراجعة لا تهدف بالفعل إلى حظر المنظمة، وهو شيء حذرت منه وزارة الخارجية من أن يصبح أمرًا مدمراً للغاية بين المجتمعات المسلمة في المملكة المتحدة والخارج. وقد أدى هذا التأكيد إلى بروز التهمة بأن التحقيق يهدف بدلا من ذلك إلى تهدئة المخاوف لدول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وقال مسؤول بريطاني رفيع المستوى: "لقد كنا تحت ضغط هائل، وكذلك الأمريكيون، من السعوديين لفعل شيئ حيال الإخوان المسلمين. هم يعتبرونها منظمة ارهابية وبالفعل هم غاضبين منا لمجموعة من الأسباب".

وكانت الرياض منتقدة للمملكة المتحدة وسياسة الولايات المتحدة بشأن عدد من القضايا الإقليمية، بما في ذلك ترددهم في اتخاذ إجراءات عسكرية ضد بشار الأسد في سوريا وتعزيز علاقات أوثق مع إيران "[7].

مع أمر ديفيد كاميرون بالتحقيق في التنظيم المصري،  يحذر كريسبين بلانت، وزير العدل السابق، من أن وضع الجماعة على لائحة الإرهاب دون وجود أدلة كافية يمكن أن يكون له عواقب خطيرة.

أمر ديفيد كاميرون بإجراء تحقيق في "فلسفة وأنشطة" جماعة الإخوان المسلمين والتي من شأنها تقييم المعلومات من أجهزة الأمن والاستخبارات حول امكانية ارتباطها بالإرهاب.

لكن النائب المحافظ حذر من أن التحقيق قد يأتي بنتائج عكسية إذا نتج عنه وصف الجماعة بشكل خاطئ بوجود ارتباط لها بالإرهاب. وقال كريسبين بلانت، وهو وزير العدل السابق، إن المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى شعروا بتهديد سياسي مباشر من الإخوان.

وقال إن المسؤولين بالريطانيين كان عليهم واجب لتحديد أن قيادات الجماعة لم تُحرِض أو تُخطط لأعمال عنف في مصر أو في أي مكان آخر، لكنه حذر من أن: "السياسة التي يساء تطبيقها يمكن أن تدفع أتباع الجماعة إلى أحضان القاعدة".

وقال "الشيء الأسوأ الممكن حدوثه هو تجريم الإخوان المسلمين لوضعهم على قائمة الإرهاب بأدلة قليلة أو معدومة. سيكون هذا خيانة لقيمنا وسيجعل المشكلة أكثر سوءا"[8].

                           

المسارات المتوقعة

من المتوقع أن تسير  نتائج التحقيقات فى ثلاثة مسارات هما:

المسار الأول: أن تنتهى اللجنة إلى عدم وجود أى شبهات حول نشاط الجماعة وأفرادها فيما يتعلق بأنشطة إرهابية سواء المملكة أو خارجها.

المسار الثانى: أن يتم إدانة الجماعة " وخاصة أن اللجنة إدارية وليست قضائية" بتقرير مبدئى يتم الاستفادة منه وتوظيفه إعلامياً فى إطار محاربة الجماعة والتنظيم الدولى، دون توقع ممارسات على الأرض، والدخول فى سجال قضائى يمتد لعدة سنوات.

المسار الثالث: أن يتم تجميد عمل اللجنة واقعياً والاكتفاء بما تم الإعلان عنه واعتباره مرضياً للدول الداعمة للانقلاب

وأعتقد أن المسار الثانى هو الأرجح تنفيذه خلال المرحلة المقبلة وخاصة كما أوضحنا سابقاً أن اللجنة إدارية وتهدف بصورة أساسية إلى تضييق الخناق على تحركات الجماعة وقادتها وضبط الحركة المالية،ومحاولة إشغال الجماعة وقادتها بلندن من دعم الحراك الشعبى المعارض للانقلاب.

                       

 

[1] الاخوان والانجليز، الموسوعة الاخوانية،http://goo.gl/WIu91W

[2] جريدة النهار، 3 يناير2014، http://goo.gl/0hI8XO

[3] رويترز – 1 أبريل 2014

[4] الإندبندنت (كيم سنغوبتا) – 1 أبريل 2014

[5] بريطانيا: حجم التبادل التجاري مع السعودية يرتفع إلى 6.8 مليارات جنيه في العام الماضي، موقع أرقام نقلاً عن جريدة الرياض،http://goo.gl/qXAHVB

[6] "إهانة السعودية" في تحقيق بريطاني ، فرانك جاردنر مراسل الشؤون الأمنية_بي بي سي

الاثنين، 15 أكتوبر2012، http://goo.gl/nD6gLV

[7] فاينانشيال تايمز 1 أبريل 2014

[8] التليجراف (داميان مسيلروي) – 1 أبريل 2014